من الشملالي إلى الوسلاتي والشتوي: زيتون تونس..تنوع يثمر هوية لا تُضاهى
يعتبر الزيتون جزءاً هاماً من الهوية التونسية ومن تاريخها. ووراء كل شجرة حكاية ترويها الأرض والسماء والألسن. من الشملالي المتواجد في كل أراضي تونس، إلى وسلاتي القيروان المتميز، وصولا إلى شتوي الشمال الغربي بنكهة زيته المتفردة، تعددت أسماء وأصناف الزيتون المحلية وتنوعت، لتشكل ثروة وموروثا لا يشبه إلا نفسه. فماهي أهم أصناف الزيتون المتواجدة في تونس؟ وماهي خصائص كل صنف؟ وماهي أهم الأصناف المستوردة؟ وهل حقا تمثل خطرا على الأصناف المحلية؟
أسئلة تفتح الباب أمام استكشاف أعمق لهذه الثروة المهمة، في مراوحة بين جذورها الممتدة إلى الحقبات الزمنية البعيدة، وانفتاحها على العولمة.
الشملالي زيتون تونسي عريق يعبر الزمن والمناطق..
يقول مختار العلاقي رئيس مصلحة حماية النباتات بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالقصرين، لموزاييك، إن الشملالي يعتبر أهم أصناف الزيتون المتواجدة في تونس منذ القدم، وأكثرها إشعاعا محليا وعالميا. ويشير إلى أن هذا الصنف متأقلم في كل ربوع تونس من شمالها إلى جنوبها مرورا بوسطها، وينقسم إلى ثلاثة أنواع.
الشملالي الساحلي هو أول أنواع الشملالي، ويتواجد، كما يرمز لذلك اسمه، بالساحل التونسي، وتحديدا بولايات سوسة والمهدية والمنستير. فيما يبرز الشملالي الصفاقسي كأهم أنواع الزيتون التونسي المنتشر في جهة صفاقس. أما ثالث أنواع صنف الشملالي فهو شملالي جربة المتواجد خصوصا بضيعات جرجيس ومدنين وتطاوين، وفق ما فسره العلاقي.
وفي حديثه عن خصائص صنف الشملالي التونسي، أوضح العلاقي أن هذه الزيتونة تعتبر شجرة معمرة، بنسبة إنتاج زيوت مرتفعة تترواح بين 22 و25%، مشيرا إلى أنها تخضع للنمط السقوي والبعلي في تونس، بأبعاد لا تقل عن 7 أمتار، بين الشجرة والأخرى، وقت الزراعة، مراعاة لتطوّر حجمها لاحقا.
الوسلاتي كنز القيروان الأصيل...
أما ثاني أصناف الزيتون الذي تحدث عنه العلاقي فهو صنف الوسلاتي، نسبة إلى الوسلاتية من ولاية القيروان.
وتعتبر ولاية القيروان وجنوب سبيطلة من ولاية القصرين منطقة الغراسة الخاصة بالوسلاتي. وهو زيتون ذو جودة رفيعة وعالية، بنسبة استخراج زيوت تتراوح بين 23 و66%.
شِتوي بنكهة الشمال الغربي..
فيما يعتبر الشِّتوي واحدا من الأصناف العريقة للزيتون التونسي، ويتميّز بإنتاجه لزيت زيتون بطعم حار وبمرارة محبذة لدى المستهلك، وفق ما فسره مختار العلاقي لموزاييك.
وينتشر الزيتون الشتوي بالشمال التونسي، وخصوصا في الشمال الغربي، كولايات باجة وجندوبة وسليانة والكاف.
وتعتبر حبات الزيتون كبيرة الحجم بنسبة إنتاج زيوت تفوق 26%، تحمل اللون الأخضر الذي لا يتجمد في الشتاء، أهم مميزات صنف الزيتون الشتوي التونسي.
ويتطلب عناية فائقة في التقليم و"الزبيرة" والري، بحجم تباعد يقل عن 7 متر، باعتبار حجم الشجرة المتوسط، وفق المصدر نفسه.
شمشالي قفصة.. جوهرة الجنوب والوسط الغربي...
فيما ينتشر صنف الزيتون شمشالي قفصة بولايات الجنوب الغربي مثل ولاية قفصة التي أخذ منها اسمه، وبولايات الجنوب الغربي مثل توزر، فضلا عن جنوب ولاية القصرين كفريانة وحاسي الفريد وماجل بلعباس. وتعتبر حبته الكبيرة التي تشبه "زيتون الطاولة"، وجودته العالية، وشجرته المرتفعة، أهم خاصيات شمشالي قفصة، التي تحدث عنها رئيس مصلحة حماية النباتات.
وتعتبر شجرة الشمشالي، زيتونة حساسة لأمراض التسوس، مثل صنف الشتوي تماما، لذلك يحبذ أن تعتمد على الفلاحة السقوية أو نصف السقوية، خصوصا في فصل الصيف، في أماكن تواجدها، وفق المصدر نفسه.
أصل تسميات مرتبط بمكان البحث
وفي حديثه عن معاني هذه التسميات، أشار مختار العلاقي إلى أنها تعود أساسا لمكان غراساتها، وارتبطت أيضا بالباحثين الذين تناولوا هذه المسائل بمراجع موثقة في المعاهد المختصة في الغرض.
أصناف مستوردة معمرة أصبحت تونسية بعد أقلمتها مع المناخ
وفي حديثه عن الأصناف المستوردة من الزيتون في تونس، أشار العلاقي إلى أنها دخلت البلاد منذ 25 سنة، وتعتبر أصنافا معمرة بمردودية متواصلة، مثلها مثل الأصناف التونسية الأصلية، عكس ما يتم تروجه.
وشدد على أنها أشجار تأقلمت مع المناخ التونسي ولا تمثل أي خطر.
أصناف إسبانية
تعتبر الأربوزانا أحد أصناف الزيتون الإسبانية المستوردة في تونس. وهي شجرة متوسطة الحجم تنمو جيدا في المسافات الكبيرة، وتُزرع بحجم تباعد يقدر ب 6 أمتار، أي ما يعادل 200 شجرة في الهكتار.
كما تعتبر الأرباكوينا، ثاني أنواع الزيتون من الأصناف الإسبانية المتواجدة في تونس منذ 25 سنة، وهي شجرة مشابهة للأربوزانا في الحجم وفي النمو الجيد، لكنها تعتبر شجرة ذات كثافة عالية، بعد تأقلمها في تونس في مقاييس تعتمد على أكثر من 400 شجرة في الهكتار الواحد، حسب ما فسره مختار العلاقي.
أصناف يونانية
ويقول رئيس مصلحة حماية النباتات إن كرونايكي هو اسم صنف زيتون يوناني تأقلم في تونس، بحجمه المتوسط، وبنجاعته في المساحات المكثفة فقط، باعتبارها شجرة ذات نمو وحجم متوسط.
أما زيتونة فريجيفانتجي، فتعتبر صنفا آخر من أصل يوناني متواجد في تونس، ويستخدم في الغراسات المكثفة جدا، أي ما يفوق 1000 شجرة في الهكتار، وتشبه في نموها نبتة العرعار، كما تستعمل كسياجات للضيعات، نظرا لنموها العالي ولدرجة ارتفاعها، وفق ما فسره مختار العلاقي رئيس مصلحة حماية النباتات بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالقصرين.
تنوّع فريد
في الختام، يشير العلاقي إلى إمكانية دمج عدد من أصناف الزيتون التونسية بالمستوردة، وفق خصائص كل منطقة، وحسب رغبة الفلاح وإمكانياته في المساحات والإنتاج ، مع ضرورة تجنب اقتناء المشاتل العشوائية وغير المرخص لها من هياكل وزارة الفلاحة، لخلق تناغم فريد يعزز موقع تونس كوجهة عالمية في إنتاج الزيتون والزيوت عالية الجودة.
برهان اليحياوي